المهم والاهم

معرفة الكون مهمة كل انسان. وليس هناك من اثنان يختلفان في ان المعرفة سبيل لحياة افضل عدا عن كونها متعة بحد ذاتها. ذلك لان الانسان الذي يسر بالمعرفة لديه فرصة اكبر للبقاء واستعمال معرفته في تلافي الاخطار والحصول على مايريد ..هذا صحيح بشكل عام.

لنأتي الان لانواع المعرفة.. هناك معارف اهم من غيرها وهذا لايختلف عليه اثنان ايضا. ربما يختلفان في موضوع (ماهو المهم) ولكن لا اختلاف في وجود المهم والاهم والقليل الاهمية في المعارف.

لنأخذ مثالا على بعض المعارف العامة. لنتبدأ بموضوع الحياة في الخلايا مثلا. الالاف من العمليات الكيميائية تحصل في خلايا لاترى بالعين تلك العمليات تستعمل انزيمات من المواد الكيميائية لتحطيم مواد كيماوية اخرى دخلت للجسم كغذاء ..لهذا الغرض تحتاج الخلية الاوكسيجين والذي يـأتي من تنفس الهواء . يتم التحطيم وتوليد طاقة في الجسم لتساعده على الحياة. وينطلق بذلك غاز الكربون بعملية التبادل التنفسي والذي تأخذه النباتات وتتغدى به. العملية مشابهة لعملية انقاذ الحياة بطريقة التنفس من فم الى فم بشكل تجريدي.

تتم تغذية النباتات بإستعمال الطاقة الاتية من الشمس. فما يراد هنا هو عكس عملية التحطيم التي تحصل في الخلايا المستهلكة للغذاء. كخلية كبد والتي ربما كانت محتوياتها سابقا في برتقالة او حبة قمح . والطاقة التي تحتاجها النباتات لبناء مواد الحياة تأتي من الشمس المكونة في معظمها من الهيدروجين وهو اخف العناصر الكيميائية وفي الاحوال الطبيعية يكون غازا خفيفا جدا.وتقوم الشمس بمزج ذرات الهيدروجين وتحويلها لهيليوم وهو غاز اثقل من الهيدروجين ولكن لايزال اخف كثيرا من الهواء المحيط بنا. على ان الشمس والتي هي اكبر من الارض بألاف المرات جسم اكثر صلابة من اي شئ نتخيله او حتى نستطيع تخيله وحرارتها اكبر كثيرا مما يمكننا ان نتخيل.

الشمس نجم من مليارات النجوم في المجرة بعضها اصغر وبعضها اكبر من شمسنا. والمجرة واحدة من مليارات المجرات في الكون. بعضها اكبر من مجرتنا وبعضها اصغر. والاسئلة التي تطرح على العقل البشري, ويحاول العلماء الاجابة عليها ,عظيمة ومثيرة لدرجة كبيرة. من اين اتت وكيف ولماذا؟. الاف من البشر الذين وجدوا انفسهم يعيشون في هذا الكون عملوا جاهدين لمعرفة بعض الاجوبة ولايزالون وكل ما عرفوه ادى بهم لطرح اسئلة جديدة اكثركثيرا من التي اجابوا عليها. ان ما عرفوه لايكاد يتعدى جزء من مليارات الاجزاء من المعرفة المتوفرة والتي تنتظر من يعرفها ويكتشفها.. الجهود التي بذلت والامكانيات التي وضعت في خدمة المعرفة خيالية بأرقامها والتزام اصحابها برسالتهم المعرفية في البحث العلمي.

في طرف اخر نرى البعض ممن لايهتم لكل ذلك .. بالنسبة لهم لايعني كل ذلك الا شيئا واحدا اهم من كل ماسبق . ارادومعرفته بل وادعوا بأنهم قد عرفوه .كان عليهم القفز فوق كل المعارف(المهمة ولكن ليس كثيرا) والوصول لمصدرها. الطريقة التي ادعوا استخدامها لتلك المعرفة سموها الوحي. وذاك الوحي قال لهم ان هناك من خلق كل ذلك .. وان الخالق نفسه اوحى لهم بأن هناك 70 حكما لقضاء الحاجة وعلينا تنفيذهم والا فكل ما نفعله بالتلسكوب والميكروسكوب والمفاعلات الذرية لايعدوا كونه تضييع وقت.

هناك من لايزال يصدق هؤلاء المسمون بالكهنة في القرن الواحد والعشرين.. وانا لست ولن اكون واحدا منهم.