الاديان والعالم
ربما كان الدور الذي يلعبه الدين في الحياة من اهم الادوار بعد دور الاهل (المتأثر بالدين بشكل او باخر) وبالتالي علينا مناقشة بعض اطراف الموضوع من وجهة نظر المؤمنين وغير المؤمنين والمقارنة بينهما.
لنبدأ بموضوع حوار الاديان: كيف يمكن للاديان ان تتحاور. اهم ما في الدين هو الاله الذي نشأ الدين من اجله. وهذا الاله لايمكن ان يكون نفسه في دينين لانه لو كان الاله في الدينين واحدا فلماذا احتاج احد للدين الاخر.
الدين بالنسبة للمتدينين هو حقائق وقوانين لايمكن ان تكون خاطئة بأي شكل . ببساطة لان من كتب تلك الامور هو الاعلم بها لانه هو الذي خلقها.
وعندما يكتب هذا الخالق اشياء تناقض ماكتبه سابقا يظهر نوعين من الحجج: الاول الذي يقول بأن ما كتب سابقا ليس اصيلا وانما تغير عبر الزمان وهذه لعبة يبرع المسلمون بها ويسمونها التحريف. والثاني هو محاولة حل التناقض بطريقة ما , الطرق مختلفة ومنها قلب التفسيرات واللعب بها لتلائم المعنيين (او اكثر) في ان واحد.
بإختصار لايمكن لدينين ان يكونا صحيحين في الوقت نفسه. حوار الاديان يجب ان يتحول الى هدنة بين الاديان .. دع كل لدينه ولاتحاول التبشير .. تخيل موقفك عندما يحاول احد تبشيرك بدين غير الذي تعتنقه وضع نفسك مكانه .
لنأخذ موضوع عدم الايمان او مايسمى بالالحاد: كما يقال كل انسان ملحد بشكل ما. من يؤمن ببراهما هو ملحد فيما يتعلق بالمسيح ومن يؤمن بالمسيح ملحد فيما يتعلق بيهوه او الله و جميع من سبق ملحدين فيما يتعلق بزيوس او بعل او افروديت. لو عرف هؤلاء لماذ لايؤمنون بما لايؤمنون به لعرفوا لماذا عليهم الا يؤمنوا بما يؤمنون به ايضا.
الدين بدأ بتعدد الالهه ثم اصبح الاله واحدا .. اقتربنا من العدد الحقيقي ولايزال العد التنازلي مستمرا والموضوع مسألة وقت.
لنتكلم قليلا عما يسمى بالمتدينين المعتدلين, اقول المتدينين المعتدلين وليس الدين المعتدل: هؤلاء بدون شك يتنازلون عن امور جوهرية في الدين في مناقشاتهم. معظمهم طيب ولطيف وصريح بشكل مريح جدا.. هؤلاء ليسوا في الحقيقة متدينون بالدين الذي في الكتب السماوية. هؤلاء اناس فكروا بالكون والخلق ولم يحصلوا على اجابات علمية وبشكل ما لم يقتنعوا بإجابات الدين البدائية المنتمية لما قبل القرن السابع على ابعد تحديد ولكن هذا كل ما هو متوفر كإجابة حاليا . هؤلاء يظلون بشكل ما ممتنين لكل مافي الكون من جمال والغاز يحار لها العقل وذلك بإعتراف اكبر العلماء (هناك سبب علمي معروف للدهشة). ليس الكون محيرا فقط اكثر مما نظن ولكنه محير اكثر مما نستطيع ان نظن. هذا النوع من الحيرة والدهشة يؤدي لشعور يسمى في الوسط العلمي بالدين الاينشتايني. اينشتاين ذكر الله في اقواله وهذا يستعمل كثيرا من قبل المتدينين لاعتباره واحدا منهم . ولكنه صرح علنا ايضا انه لايؤمن بالاله الشخصي الذي يتدخل في حياة الانسان وان مايسمى تدينا عنده ليس الا الدهشة من الكون وكل مافيه على قدر ما يستطيع العلم اكتشافه وشرحه. هذا الشعور الغامض يدفع الانسان لان يعبر عنه بشكل ما. اينشتاين وغيره من العلماء يمضون وقتهم محاولين القاء الضوء على الظواهر الكونية وتفسيرها وكلما وصلوا لنتائج واسئلة ازدادت المعاني في حياتهم وكثر الجمال الغامض المحيط بهم. الاخرين الذين ليست لديهم الظروف للعمل العلمي والابداعي يتخذون طرقا في متناول اليد للتعبير عن نفس الشعور المبهم بالغموض والجمال وذلك باعتبار كل ماهو سري يعود للاله وحكمته ويعبرون عن امتنانهم بالطريقة التي يعرفونها (الدين الذي ولدوا عليه في معظم الاحيان). هذا من جهة ومن جهة اخرى يعطيهم ذلك شعورا بالاطمئنان بأنهم جزء من هذا الكون ومافيه. هؤلاء بشكل عام لايدعون ولايبشرون. هم فقط يحاولون (ومرة اخرى بالطريقة الوحيدة التي يعرفونها) لان يبدوا امتنانهم للغموض الرائع للكون. ليسوا مستعدين بشكل من الاشكال للجدال في الاسراء وطيور الابابيل وحمل العذراء وشق البحر او اتخاذ اي اجراء ضد من لايصدق بها. انهم الوهيين وليسوا متدينين. وفي وقتنا يحاول المتدينون ضمهم لصفوفهم بينما كانوا مسبقا (في رأيي لايزالون) من الملحدين. انهم بشكل عام من العلمانيين المؤمنين بفصل الدين عن الحياة العامة.
لنقارن بين هؤلاء وبين من يطالب بأن يكون قانون الدولة مبني على الكتب السماوية (ايا منها). لنتخيل دولة تعدم من يعمل يوم السبت كما في العهد القديم او دولة تدعي بأن كل من لايؤمن بأن المسيح هو الله او ابنه او ماشابه من تلك الامور لايسمح بتوظيفه او تسحب رعاية اولاده منه الخ. او نتخيل دولة كالسعودية وايران (هذا اسهل كون تلك الدول لاتزال موجودة).. ولكن حتى هؤلاء لايطبقون الشرع الاسلامي بحذافيره ولو فعلوا لكانت الامور اسؤا مما هي عليه بكثير هناك.
من يطالب بدولة كهذه لايمكن ان يكون عقلانيا. نحن في القرن الحادي والعشرين والبعض لايزال يفكر بطريقة القرن السابع. الامور تغيرت كثير منذ ذلك الحين علميا وتكنولوجيا وغيره . ولكن الله لم يتغير وهو قد كتب ما كتب وانتهى الامر وعلى الجميع ان يتبعوا ما كتب ,لانقاش
لنتكلم قليلا عن الدين والاخلاق. الاخلاق بشكل عام شئ نسبي ويتعلق بالتقاليد ولكن الخطوط العريضة واحدة. ولكن المتدينون يعتبرون ان الدين وقوانين الاله هي التي تحدد الاخلاق. او انه بدون الاله وقوانينه وعقوباته الخ.. لاختفت الاخلاق.
لايمكن لاحد ان يكون مفيدا للاخر بدون الدين. كيف يمكن ان نفسر ذلك؟. هل بدأت الاخلاق بالظهور بعد ظهور الدين؟ الم يكن هناك اخلاق قبلا؟؟ لنفكر بالعهدين والقران .
لااصدق قصة هجرة اليهود وضياعهم في سيناء.. ولكن لنفرض انها صحيحة .. اليكم ما على المتدينين اليهود ان يصدقوا: قبل الوصول لجبل سيناء ونزول الوصايا العشرة كان اسلافهم يعتقدون بأن القتل والسرقة والزنا من الامور العادية .. ولولا الوصايا العشرة لما عرفوا بانها اخطاء او خطايا. هل هذا من المعقول؟ ايرضى احدنا ان يكون اسلافه على هذا النحو.
لنأخد حالة المسيحيين ومثالهم الاخلاقي: يقال بأن الانسان وجد على الارض لمدة لاتقل عن 100000 عام (هذا اقل تقدير والرقم يرتفع حتى 250000) .. سنقبل بال 100000. ماذا يعني ذلك
على المسيحي ان يصدق بأن الله جلس في مكانه لمدة 95000 عاما لايفعل شيئا. الناس (احبابه الذين خلقهم على شكله) كانو يموتون بالولادة والجراثيم والحروب ومتوسط الحياة لايتجاوز 30 عاما لكل تلك الفترة .. بعد ذلك قرر ان يتدخل!!! كيف ؟؟ بإرسال ابنه ليتعذب ويعدم بطريقة شنيعة ليغفر خطايا الجميع من اجل ذلك؟ اعجب لماذا لايغفرها بدون تلك الاستعراضات الغير مقنعة.
ربما اسدد دينا لشخص ما ..صديق او قريب.. ربما حتى اقضي عنه فترة سجن اذا كان ذلك مسموحا(لااعلم اذا كنت مستعدا لتلقي عقوبة الاعدام بدلا عن شخص ما يستحقها لارتكابه خطأ ما) .. ولكن ذلك لايجب ان يعني ان الخطأ الذي ارتكبه قد محي من الاذهان .. هذا ليس اخلاقيا .. فكيف يمكن لاحد ان يقتنع بذلك.
اما بالنسبة للاسلام فهل نرى اثرا للتحرر او الحرية او المساواة في الدول التي تطبق الشريعة ؟ ماذا عن معاملة المرأة ورجم المغتصبة على اساس انها زانية.
كل التطور الذي حصل في روح العصر بما يتعلق بالاخلاق (وكل ما هو جيد في الحياة) حصل بدون تدخل الدين وفي الكثير من الحالات بالرغم من الدين.
ما اعجب الانظمة الدينية التي تجعل من الانسان فخورا بكونه عبدا مظلوما منقوص الحقوق وسليلا لمجرمين ولولا الدين لما كان يستحق الحياة . كل ذلك من اجل وعود لا دليل على ,بل هناك ادلة عديدة على عدم صحتها. وتتراكم تلك الادلة كل يوم .
هل علينا ان نستمع للكهنة يلقنوننا الاخلاق؟ بأي حق يعتبرون انفسهم اختصاصيين بذلك. بل بأي حق يعتبرون انفسهم اختصاصيين بأي شئ على الاطلاق؟
لاتزال الفتوى معمولا بها على اساس انها رأي الله في موضوع ما. وعندما يختلف شيخان في فتوى حول نفس الموضوع يبدوا لي بأن الله اعطى لكل رأيا مختلفا. وهنا علينا الاخذ بأحد الرأيين:
هناك اكثر من اله (اله لكل شيخ) وكل له رأيه الخاص وبعضهم يجتمعون على رأي في بعض الاحيان ويسمى ذلك بإتفاق العلماء
ليس هناك رأي لللاله في كل ماسبق .. الشيوخ يفتون برأيهم الخاص اعتمادا على ما يفهمون من الكتب والاحداث التي جرت في القرن السابع.
اما مقولة ان الدين يؤمن راحة نفسية للمتدينين وانا علينا ان نحترم ذلك فلا اعتراض . الا ان ذلك لايعني ان الدين شئ واقعي . ان قناعة جيراني بأن اعظم كنز في العالم مدفون في حديقة منزلهم (بدون اي دليل على وجوده) فقط لان ذلك يريحهم لاتزعجني في شئ, ولكن ذلك لايعطيهم الحقا للكلام عنها بصوت مرتفع او على مكبر صوت في الثالثة صباحا
ايمان الاخرين لايعني انهم على حق او ان علي ان اتكلف العناء او اتحمل تصرفات او افعالا تزعجني بناء على ايهمانهم. والمشكلة ان التبشير من صلب الايمان. لن يكون المتدين سعيدا ما لم اقاسمه القناعات التي يؤمن بها. والمشكلة ان المتدين لم يترك مجالا للنقد او لعمل اي شئ بدون ان يعتبره مؤذيا لشعوره وكل من يؤمن باللمعتقدات التي يؤمن بها.
هناك ظريقتان للتصرف من قبل المؤمنين حيال النقد الديني.
الاولى : تكون بالاحتجاج على ان نقد الايمان فيه اذى لشعور المؤمنين وهذا شئ لايجب عمله. ولكن لماذا اذن نستطيع نقد الايمان السياسي او العلمي او التكنولوجي ومناقشته. ولكن علينا ان نقف بدهشة وناخذ عبرة عندما نكون امام من يقول لنا ان الافعى اطعمت التفاحة لحواء ولادم واننا كلنا ولدنا خاطئين لهذا السبب.
الثاني : هو ما يعرف بالجهاد.. ومثال عليه الشعار التالي: لنقطع رأس كل من يقول بأن الاسلام دين ارهاب.
قل لي الان كيف يمكن التعقل ومناقشة المتدينين؟؟
0 Comments:
Post a Comment
<< Home